أنجمينا: (Tchad infos)

ان الفساد الذي استحوذ على وزارة التربية الوطنية يجب أن لا يستمر بهذا الشكل لأننا نؤمن إيماناً تاماً بأن نجاح الأمم وتقدمها مرهون بقوة النظام التربوي لها. فالمجتمعات المتطورة تولي اهتماماً كبيراً لهذا المجال باعتباره الركيزة الأساسية في بناء المجتمع وتقدمه وهو المبدأ الذي انطلقت منه تلك المجتمعات وقفزت إلى عالم مستنير.
فإذا ما قارنا النظام التربوي المعمول لا المكتوب الذي نشاهده على أرض الواقع لا يبشر بالخير ، وجيلنا مهدد بوجود أناس يشكلون خطراً على البشرية برمتها ، بدأً بالمعلم ومن ثم المدير ثم الموجه والمشرف وانتهاءً بالمندوب ، هذا على مستوى من لهم تأثير مباشر بالعملية التعليمية في الإدارة المدرسية والتعليمية ، فضلاً عن السلطات العليا المنطوية في نفس الحقل.
وقد يعاني النظام من الفئات المذكورة سلفاً ولا أشمل الكل بل الأغلبية متواطئة في تهور النظام التربوي التشادي وهشاشته ، والبداية بمدير المدرسة الذي يتم تعيينه بغرض تسيير المؤسسة وإدارتها وفق ما يقتضيه النظام وتطبيق الأهداف لتحقيق غايات النظام التربوي التشادي التي تأمل إلى إعداد الفرد الصالح النافع لنفسه ومجتمعه ويحمل راية الوطن والحفاظ عليه ، وبذلك يحرص على تطوير المؤسسة وتحسين العملية التعليمية وهو مكلف بمهام ووظائف عدة وهو المسئول الأول عن المؤسسة أمام السلطات الرسمية في الدولة ، فهل يؤدي مدير المدرسة دوره بالصورة المطلوبة؟!
في الوقت الحالي تئن كثير من مؤسساتنا التعليمية من وجود مدراء لا علاقة لهم بمجال الإدارة التربوية ولا حتى بالتربية ناهيك عن الغيرة والوطنية ، وصلوا بالتواطؤ مع مجموعة من “مافيا التعليم” إلى إدارة مؤسسات تعليمية ومن أجل ذلك أنفق مثل هذا النوع من البشر كثيراً من الأموال لمن لهم تأثير مباشر في تعيين المدير وعزله ، وبذلك تمكن التجار ومرضى السلطة وأصحاب المصالح الشخصية والنفوس الضعيفة الوصول إلى رأس المؤسسات التعليمية. فما هي المصالح التي يجنيها هؤلاء المدراء؟ تقول الساحةـ معلوم أن رسوم التسجيل في المؤسسات التعليمية الحكومية المحددة رسمياً مهما بلغت قد لا تتجاوز ألف ريال أي 5000 فرنك سيفا ، ولكن الملاحظ في مطلع كل عام نجد تزايد في الرسوم فإلى أين تذهب هذه المبالغ ، في ظل وجود معلمين حكوميين؟ـ يعمل كثير من المدراء مع المعلمين خاصة التجار ورجال الأعمال الذين وظفوا في هذا الحقل وحولوا في مؤسسته صفقة رشوة للسماح لهم بالتفرغ في أعمالهم الخاصة ، ويأتي بمتطوع لا يتجاوز راتبه الشهري ثمانية آلاف وهو أقل قدرا من الرشوة التي يتقاضاها شهرياً من قبل التجار السابقين ـ يتعامل المدير مع المعلمين المتطوعين الذين سدوا عيبه معاملة الشحاذين بسبب تزايد طلب فرص العمل في المدرسة من قبل الخريجين لسد هموم الوظيفة باعتبارهم للتعليم مهنة من لا مهنة له ، كذلك المدير يفضل التلميذ على معلمه لأن الأول يعطي والثاني يأخذ.ـ وأخيراً لا يهم المدير سير العملية التعليمية بالطريقة المطلوبة أو العكس ، بقدر ما يهمه العائد المادي الذي يجنيه من اكتظاظ التلاميذ في الفصول الدراسية.
وبعد كل هذا هل يعمل المدير على صيانة وترميم المؤسسة؟ للإجابة على هذا السؤال فقد قمنا برفقة وزير التربية الوطنية السابق بزيارة إلى عدد من المؤسسات الحكومية لكن ما أثار لفتة الانتباه وهو بمثابة فاجعة للوزير عند دخوله في أول فصل عند تفقده للمدرسة وجد أن التلاميذ أنفسهم استحيوا من الجلوس حتى في البروش المفروشة لهم فقد أكل عنها الزمن ، وهذا ناهيك عن المبنى الذي لم يشهد ترميما حتى منذ تأسيسه. وهكذا تسير أغلب الإدارات المدرسية ، فالمدير الناجح هو الذي يكرس جهده بغرض تطوير المؤسسة من خلال استغلال الموارد المتاحة بصورة أمثل وتشجيع العاملين وتحفيزهم للوصول إلى الأهداف المنشودة ، فإذا خالف ذلك واستجاب لرغباته ومآربه الذاتية فإن المؤسسة تبقى مجالاً للإنفلات والانحطاط الأخلاقي ولا تخرج إلى أناس يشكلون خطراً على البشرية ، نتمنى من السلطات العليا أن تعي هذا الواقع وتوفق في اختيار المدير ووضع معايير وصفات محددة لتعيين المدراء.
وموعدنا التالي مع المعلم.

أغسطس / 2021
عبدالله يونس أدم ساكن