بعد الوفاة المأساوية للرئيس الراحل إدريس ديبي، وصل نجله محمد ديبي إلى السلطة في البلاد عبر اختياره من قبل مجلس عسكري عقب مقتل والده علي رأس جبهات القتال ومن أجل الحفاظ علي البلاد من الإنهيار المؤسساتي دعت مجموعة من قادة الجيش رئيس البرلمان لتولي السلطة في فترة إنتقالية لكنه رفض بسبب الوضع الهش للبلاد وفضل أن يقود المرحلة رجل عسكري لحساسية المرحلة ووقع الإختيار في شخص قائد الحرس الجمهوري محمد إدريس ديبي ليكون رئيساً للمجلس العسكري الإنتقالي الذي قاد البلاد قرابة عام ونصف ؛ يبلغ عدد اعضاء المجلس العسكري 15 عضواً موزعين علي مختلف قيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية المختلفة .

وبعد هذه المرحلة تم إطلاق الحوار الوطني الشامل الذي بموجب مخرجاته انهي حكم المجلس العسكري ليؤسس بذلك الفترة الإنتقالية وبعدها الإنتخابات الرئاسية من أجل العودة الي النظام الدستوري في البلاد ؛
ومن المتوقع أن تعقد البلاد في 6 مايو المقبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي تهدف إلى إنهاء الفترة الانتقالية في البلاد وبدأ مرحلة جديدة نحو إنشاء المؤسسات الدستورية .

وتقدمت عدة شخصيات سياسية بترشيحاتها للمشاركة في هذه الانتخابات، لكن من الواضح أن المعركة الرئيسية ستدور بين رئيس المرحلة الانتقالية الحالية محمد ديبي ورئيس الوزراء الجديد وزعيم حزب “المحولون” المعارض سيكسيه ماسرا رجل الولايات المتحدة الأمريكية المناسب لخوض مرحلة ما بعد الإنتقال السياسي .

إلا أن شفافية وحرية الانتخابات في تشاد تثير الشكوك لدى العديد من الخبراء، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة، ومع وفاة زعيم الحزب الإشتراكي السياسي يحيى ديلو مؤخرًا، بدأت وسائل الإعلام الغربية في التشكيك في حرية الانتخابات وشرعيتها وقدرتها التنافسية علي حد تعبيرها .

ويعتقد الخبير السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية رافائيل باردو، أن الانتقادات الغربية لهذه الانتخابات الرئاسية لها دوافع غير تلك التي يتم عرضها على الرأي العام العالمي، وبحسب مصادر رفيعة في حركة الإنقاذ الوطني الحاكمة، فإن طوفان الانتقادات الموجهة للانتخابات تزامن مع رفض محمد ديبي للاتفاق الذي اقترحته الولايات المتحدة، كما أعلنت المصادر ذاتها أن واشنطن عرضت على نجل ديبي دعمه في هذه الانتخابات مع الاعتراف بشرعية نتائجها مقابل ضمان فتح قواعد عسكرية أمريكية في البلاد هدفها تعزيز مكانتها في منطقة الساحل ووسط أفريقيا، خاصة بعد التراجع السريع للنفوذ الفرنسي في المنطقة .

جدير بالذكر أن هناك  معلومات انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مفادها أن الشركة العسكرية الأمريكية “بانكروفت” ستوفر الأمن للمنافس الرئيسي لديبي الإبن في السباق الرئاسي في هذه الانتخابات.

إذا فشل ماسرا في الانتخابات، فإن الولايات المتحدة لن تعترف بشرعية هذه الانتخابات وستستخدم أيضاً أداتها المميزة المتمثلة بالمعارضة المسلحة، حيث أفادت مصادر في الجيش الوطني الليبي، أنه تم عقد اجتماع في البلاد بين قيادات مجموعتي FACT وCCMSR، بإشراف مختصين من المخابرات الأمريكية علي حسب الباحث .

وإذا خسر ماسرا الانتخابات، فلن يعارض المجتمع الدولي ديبي تحت ضغط من واشنطن فحسب، بل أيضا القوات المسلحة التشادية نفسها.

وبعد ترشيح ماسرا، ظهرت تصريحات على الإنترنت من إحدى الجماعات المسلحة المتمردة في تشاد، أعرب فيها المسلحون عن دعمهم الكامل لماسرا وانتقدوا القيادة الحالية للبلاد، ومن المؤكد أن هذه المجموعات ستعارض ديبي إذا لم يحصل مرشحها على الأصوات المطلوبة .
بقلم: عبد الرحيم تورشين .. الكاتب المتخصص في الشؤون الإفريقية