أنجمينا: (Tchad infos)

وقت كتابة هذه السطور كان أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد خرجوا إلى شوارع عدة مقاطعات في ولاية فلوريدا، منددين بما قالوا انه “سرقة الأصوات”، خلال الانتخابات الرئاسية، وتعرض أحد تجمعات هؤلاء إلى إطلاق نار ، مما ادى إلى اصابة اثنين من المشاركين؟

علامة الاستفهام المثيرة والخطيرة:” هل هذه بداية ارهاصات للأسوأ الذي لم يأت بعد؟

الشاهد أن كثيراً من المحللين السياسيين قد وقر لديهم ومنذ وقت طويل ، أن الاحتجاج العنيف على نتائج الانتخابات أمر وارد بقوة ، لا سيما وان الرئيس الأمريكي يرفض حتى الساعة الاعتراف بنتائج غالبية ان لم يكن كل الولايات التي فاز بها منافسه جوزيف بادين، ويعلن انه يتحتم إعادة فرز الأصوات في تلك الولايات ، ويستعد وحملته للدخول في مسار قضائي غالبا سيكون طويلاً جداً ، ومرهقاً جداً ، وكارثته انه يهدد السلم الأهلي بين الأمريكيين وبعضهم البعض ، وينذر باحتراب أهلي داخلي.

قبل بضعة أسابيع من التصويت، كانت الأجهزة الأمنية الأمريكية المختلفة، وفي مقدمتها، جهاز المباحث الفيدرالية، قد رفعت سقف التحذيرات إلى أعلى حد ومد ممكن، لا سيما وان الارقام كانت تشير إلى أن خمسة ملايين قطعة سلاح تم بيعها خلال الأشهر التي واكبت انتشار فيروس كوفيد-19، منها 110 الاف قطعة في ولاية كاليفورنيا بمفردها.

هنا يبقى الأمر جد خطير، ومصير أمريكا يكاد يكون متعلق بالرئيس ترامب وقيادة حملته، عطفا على اركان الحزب الجمهوري، وأي طريق سوف يسلكون.

الخيار ثنائي لا ثالث له في هذا المقام، فإما القبول بفوز بايدن، رغم انه من الواضح ان هناك اختلالات واضحة وفادحة في العملية الانتخابية، بما وجه لطمة لأم الديمقراطيات ان جاز التعبير، اختلالات تبدأ من عند أموات يصوتون، واخرون يتكرر تصويتهم، واسماء أكثر مما هو في قوائم الذين يحق لهم التصويت، ناهيك عن تأخير موعد اعلان النتائج في ولايات حاسمة ومصيرية، واطالة امد الفرز والعد في ولايات تالية، وحتى تصل صناديق تحمل الاف الأصوات لجوزيف بايدن.

اما الطريق الثاني فهو الاعتراض على ما جرى ويجري، واللجوء إلى القضاء الأمريكي، بدءا من المحاكم الصغرى في الولايات المختلفة، وصولا إلى المحكمة الدستورية العليا في واشنطن، وهو السيناريو الذي تهيا له ترامب وتحدث طويلا عن التزوير الذي يمكن ان يشوب العملية الانتخابية.

من المرجح هنا.. هذا الخيار أو ذاك؟

من الواضح ان هناك حالة تشارع وتنازع بين الجمهوريين أنفسهم، فبحسب تقارير لوكالة رويترز يوافق 30% من الجمهوريين على توجه الرئيس ترامب بانه قد فاز بالانتخابات، ويصدقون انه حال احصيت الأصوات القانونية فقط فسيكون الرجل قد فاز بسهولة على منافسه.

هذا التوجه المثير والخطير، لتأثيره على الشارع الأمريكي، يدعمه اعضاء كبار من الحزب الجمهوري، بمن فيهم على سبل المثال زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن مكارثي، والذي صرح لقناة فوكس نيوز إن “الرئيس ترامب ربح الانتخابات”.

صوت جمهوري آخر نافذ، السيناتور ليندسي غراهام، وفي مقابلة متلفزة له على نفس القناة، أشار إلى أن تزويرا كبيرا قد جرى من قبل الديمقراطيين، وانه لهذا يقدم تبرعا للحزب قيمته نصف مليون دولار، لصندوق الدفاع القانوني عن ترامب، فيما اللجنة الجمهورية الوطنية تسعى بأسرع من البرق لجمع نحو ستين مليون دولار على الاقل للإنفاق على معارك ترامب القادمة، وهناك انباء تتحدث عن جيش قانوني جرار يتألف من 1000 محام ومستشار قانوني، على استعداد للانتشار في البلاد للاعتراض على النتيجة التي تذهب لصالح بايدن.

على أن قراءة معمقة لردات الفعل على إطالة عمر المعركة الانتخابية بين الجمهوريين والديمقراطيين، سوف تفتح الأبواب لسيناريو العنف، والمتوقع من قبل استطلاعات الرأي، فقد قال 22% من الديمقراطيين إنهم لن يقبلوا فوز ترامب، والأمر نفسه أشار إليه نحو 16% من الجمهوريين، العهدة على الراوي معهد راسموسن لاستطلاعات الرأي.

السؤال الذي يحتاج إلى جواب جذري هل سيفضل الجمهوريون سيناريو المعركة الاهلية الداخلية، من اجل صالح ترامب، والذي تبقى فرصه ضيقة في كل الأحوال، أم يضحون به على مذبح المواءمات الوطنية مع الديمقراطيين، ولاستنقاذ البلاد من الشر المستطير القائم والقادم، والاحتفاظ في الوقت عينه بقواعد الحزب الجماهيرية في البلاد سليمة وبعيدة عن الأذى، ومن ثم الاستعداد لمعركة انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في 2022، ومعركة الرئاسة القادمة 2024؟

يمكن القول ان هناك أصوات داخل الحزب الجمهوري، منها صوت المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في 2012، ميت رومني، والذي عانى من مرارة الهزيمة، ويعرف الألم المصاحب لها، من بين الأصوات التي تفضل سيناريو تراجع ترامب، وقد وجه التوبيخ لساكن البيت الأبيض، لا سيما حين اشار إلى ان الانتخابات تجري سرقتها بالفعل، مضيفا ان هذا القول، والمضي إلى ما هو ابعد، يضر بقضية الحرية في أمريكا وحول العالم، وينذر بتهور مشاعر مدمرة وخطيرة.

هل لهذا وكما جاء في صحيفة الواشنطن بوست القريبة من البيت الأبيض، يحاول مقربون من ترامب نصحه بالاستعداد لاحتمال خسارته الانتخابات، حتى لو لم يعترف بذلك بالشكل التقليدي، ذاك الذي يوجب عليه القاء خطابا يقر فيه بالهزيمة، وله الحق ان لا يلقيه لأنه عرف وليس قانون؟

المشهد الأمريكي ملتبس والغموض سيد الموقف والمخاوف تتصاعد ساعة تلو الأخرى …إنه وقت الحكمة.

المصدر: صحيفة الرؤية الإخبارية