رغم تمثيلها النسبة الأكبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة (28 في المائة)، تعجز إفريقيا عن إبداء الرأي في القضايا التي تهمها في مجلس الأمن كونها ليست من الأعضاء دائمة العضوية.

ومنذ مدة طويلة ينتقد القادة الأفارقة عدم منح عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي لأي دولة من القارة التي تضم 54 دولة.

وقد أثار كل من الرئيس السنغالي ماكي سال ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا الموضوع مرة أخرى في المؤتمر الصحفي الذي عقداه في العاصمة السنغالية داكار، الأمر الذي جدد الجدل والنقاش حول ضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة.

ولا يقتصر الأمر على الدول الإفريقية فحسب، بل أعربت دول آسيا وأمريكا اللاتينية أيضاً عن رغبتها في الحصول على العضوية الدائمة في مجلس الأمن، إلا أنّ الدول الخمسة دائمة العضوية التي تمتلك حق “الفيتو” وهي الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة لا ينظرون بجدية إلى هذه المطالب.

وفي حوار مع الأناضول تحدث خبراء أفارقة وغربيين عن آرائهم ومقترحاتهم حول مطالب إفريقيا بإصلاح مجلس الأمن.

إفريقيا تعمل على تقوية تأثيرها

وقال دانيال فورتي المحلل السياسي في مركز بريان أوركوهارت لعمليات السلام إن ما يقرب من 70 في المائة من القرارات التي اتخذها مجلس الأمن في السنوات الأخيرة كانت متعلقة بإفر يقيا.

وأوضح فورتي أن الدول الإفريقية حددت طريقتين لمواجهة هذا التمثيل المنقوص، الأولى هي مطالب الدول الإفريقية المستمرة بإجراء إصلاحات في مجلس الأمن، والمطالبة باختيار دولتين من إفريقيا لهما حق الفيتو وخمسة أعضاء غير دائمين يُحرى تغييرهم مرة كل سنتين.

أما الطريقة الأخرى فهي محاولة تعزيز تأثيرها من خلال مجموعة الدول الإفريقية الثلاثة الممثلة “مؤقتاً” لقارة إفريقيا بمجلس الأمن.

وتجتمع الدول الثلاث بانتظام في نيويورك وأديس أبابا، وتدلي ببيانات مشتركة وتجري مباحثات ولقاءات جادة حول الموضوع.

وأكد فورتي أن هاتين الطريقتين، لا يمكنهما وحدهما ضمان إجراء إصلاحات هيكلية بمجلس الأمن، أو ضمان التحرك المشترك للدول الإفريقية في التعامل مع جميع القضايا، ولكنهما تعملان على توسيع مجال تأثير الدول الإفريقية في أثناء تحركها في إطار المصالح السياسية المشتركة.

اختيار أعضاء دائمين جدد لا يصب في مصلحة للأعضاء الخمسة الدائمين

من ناحية أخرى قال الدكتور ديفيد سيلفان الباحث في العلاقات الدولية بمعهد الدراسات العليا بجنيف إن الأمر لا يقتصر على الدول الإفريقية فحسب، فدول أمريكا اللاتينية ودول آسيا باستثناء الصين ودول الشرق الأوسط كذلك، ليست ممثلة في مجلس الأمن الدولي.

وأضاف سيلفان إلى أنه رغم الدعوات العديدة لزيادة عدد الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لم يُتوصل إلى أي نتيجة حتى الآن، مشيراً إلى أن من أسباب ذلك هو أن وجود أعضاء دائمين جدد لا يصب في مصلحة الأعضاء الخمسة الحاليين الذين يمتلكون حق النقض.

وأشار سيلفان إلى أن الدول الإفريقية لا يمكنها مواجهة هذا التمثيل الناقص طالما هناك خمسة أعضاء فقط دائمين في مجلس الأمن الدولي لديهم حق الفيتو.

وتابع:” ليس لدى دول إفريقيا ما تفعله حيال ذلك. إلا أنه في حالة ظهور منظمات أمنية جديدة في أي مكان في العالم تضم أيضاً الدول الإفريقية، فقد يحدث تغيير طفيف وغير مباشر.”

دول إفريقيا بحاجة إلى برامج للسلام والأمن

أما أشرف باتل الباحث في معهد الحوار العالمي بجنوب إفريقيا فقال إن “مشكلة تمثيل الدول الإ فريقية في مجلس الأمن الدولي لن تُحل أو تتحسن إلا من خلال اتخاذ خطوات متوسطة المدى”.

وأردف: “دول قارة إفريقيا في حاجة إلى برامج للسلام والأمن تركز على حل النزاعات وعلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبذلك ستزداد ثقتهم بأنفسهم وقد يتمكنون على المدى المتوسط من الحصول على مقاعد أكثر في مجلس الأمن”.

وتابع “توجد حاجة حالية إلى تعزيز المؤسسات الإقليمية كالسوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا)، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وتعزيز القدرات التي تمكن من إرساء السلام في الأزمات المحلية.”

أما الدكتورة ألكسندرا نوفوسيلوف من معهد السلام الدولي فقالت إنه “حتى في حال إجراء إصلاحات في مجلس الأمن الدولي فإنه غير معلوم بعد أي الدول الإفريقية ستصبح عضواً دائماً بالمجلس”.