دعوةعاجلة، لتحقيق مصالحة جماعية بين قبائل المنطقة الحدودية: داروداي جغرافيا  ودارفور التاريخية  لتجنب كارثة انسانية.

الى العناية الكريمة السيد رئيس المجلس العسكري الإنتقالي، من أجل حماية هذا الوطن من أيدي العابثين.

  • نظرا للحالة الأمنية المضطربة  شبه المستديمة بين قبائل المنطقة، ولمدة ما يزيد على اكثر من ثلاثة عقود وخاصة منذ بداية الألفية الثالثة، ضمن موجة ما عرف بأزمة دارفور، وما نتج عنها من مؤثرات عمت كل المحيط الجغرافي والاجتماعي. حرصا منا على ضرورة تجاوز حالة التنافر والكراهية والتوجس بين أبناء البلد الواحد،من أجل الوصول لجو من التآلف وحسن التعايش الآمن والدائم، والإستقرار الأمني والإجتماعي الذي يضمن للمواطن حياة حرة ومطمئنة  وكريمة، ومن ثم نشر وترسيخ اسباب الثقة والإلفة والتسامح بين جميع مكونات المجتمع في تشاد عموما والمنطقة أعلاه خصوصا.استنادا على التاريخ المشترك  منذ ما يربو على ألف عام، بين مكونات هذا المجتمع المتماسك والمتجانس، والمؤمن بوجود ربه وخالقه الكريم عز وجل، والمصدق برسالة نبيه وهاديه وحبيبه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم تأسيسا على أواصر الأخوة  الانسانية في الدين والعقيدة،وايمانا وعملا بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف ودعوته لنبذ الفرقة والقبلية والجهوية والعنصرية البغيضة، وحرمة الروح البشرية،  قال تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا”. صدق الله العظيم.وقوله تبارك وتعالى ” أنه من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” صدق الله العظيم  وقال صلى الله عليه وسلم “كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه”تقديرا لخطورة المرحلة التي التي  نعيشها والتي تسري فيها المعلومة بسرعة مذهلة  كسريان النار في كومة القش، وذلك بسبب انتشارأجهزة الإتصالات الذكية وشيوع شبكة الانترنت التي أصبحت جزءا مهما من حياة الناس عامة رغم كثرة سلبياتها وما باتت تشكله من الخطورة على سلامة الأخلاق والقيم والعادات الاجتماعية. كما وان التأثير السلبي لوسائل الاتصال الاجتماعية على الجانب الأمني العام من الخطورة  مالا يمكن التنبؤ به اذا أسيء استخدامها ، وليس بمقدور أي قوة مهما كان حرصها أن تمنع وصول هذه الأجهزة لأيدي السفهاء والمتفلتين والمفتنين المروجين للفتن الذين لا يخلو منهم أي مجتمع بشري.وبنفس القدر فان انتشار السلاح الناري في المنطقة  يشكل حالة مرعبة،  وهذا مما يزيد من المخاوف من وقوع ما لا تحمد عقباه،وخاصة في مجتمع بدوي وقروي، تغلب عليه الأمية وحالة الجهل، والطامة الكبرى أن شئونه  تدار بأيدي شباب مراهقين تنقصهم الخبرة والتجربة في شؤون الحياة، كما وتنقصهم الحكمة التي كان يتمتع بها كبارهم في السابق  لما كان بيدهم الحل والعقد في الأمور الجليلة التي تتعلق بالحياة والموت.تقديرا لظاهرة التَفلَت في اوساط الشباب والتمرد على السلطات التقليدية وممارساتها وتهميش دورها، وعدم مراعاتهم القيم الأخلاقية والقانونية وتحدي الأعراف ، وقيامهم على مسمع ومرأى الجميع بالترويج للشائعات الهدامة التي تمس الحياة لعامة الناس.اعتبارا لكل ماتقدم ، فانه يتحتم علينا جميعا القيام بمبادرة فورية لتدارك الموقف قبل فوات الأوان،.. وعليه ..

  يا فخامة السيد رئيس المجلس العسكري الإنتقالي، فإنني أتقدم إليكم بالآتي:

  1. ضرورة تكوين خلية عمل من تسعة (9 -15) أشخاص يراعى  فيهم الإلتزام أخلاقيا والإستقامة وسلامة النوايا والحكمة، والدراية بواقع مجتمعاتهم، والوعي بخطورة الوضع، والحرص على ضرورة التصدي بكل حزم لظاهرة التطرف القبلي والتباهي والتظاهر به.

والله تبارك وتعالى يقول: ” يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير”. صدق الله العظيم.

ذلك التطرف الذي يمارسه ويتشدق به جهلا الكثير من الأشخاص من أبناء تشاد ومن مختلف الأطراف، وذلك بمنتهى السفور والفخر، ” والله لا يحب كل مختال فخور،” مستغلين في ذلك تسترهم خلف شبكات الإتصالات الإجتماعية، وباسماء مستعارة أحيانا .

  • وهذا ما نشاهده هذه الأيام من التراشق بأسوء الألقاب والعبارات، والاوصاف غير اللائقة لقبايل بكاملها يتبجح بها بعض المراهقين عبر قروبات أنشأت خصيصا لهذه الأغراض الخبيثة، من أناس يفتقرون للشعور بالمسؤولية تجاه ما يقولون وما يفعلون.

 ومن ذلك انتشار فيديوهات التعذيب وأفعال الاستعباد المشينة اللا إنسانية التي يتباهى ويتفاخر بها بعض الشباب في الأطراف الشمالية للبلاد، يمارسونها ضد بعض المواطنين النازحين من مناطقهم بوسط تشاد من أجل التنقيب عن الذهب الذي هو ثروة وطنية، تقع مسؤولية تنظيم استغلاله على الحكومة الوطنية، وليس ملكا لجزء من الشعب التشادي ليحرم منه الآخرون. (نموذجا على قبح الأفعال)

  • من مهام هذه الخلية :حصر وتحديد المجتمعات المستهدفة بهذا العمل، وكيفية الوصول اليها، ووضع الخطة لتحقيق وانجاح هذا المشروع الهادف لبلورة وانشاء المجتمع المتماسك والواعي باللحظة التاريخية التي يعيشها، ومستقبل اجياله اللاحقة.

ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر:

أ -القبائل العربية التي تنتشر في وسط وشرق تشاد، وخاصة تلك التي ظلت تعيش متنقلة رواحا وجيأة ، ضمن المنطقة الحدودية بين تشاد والسودان ( وداي جغرافيا ودارفور.)

  • علما أن هذه القبائل كانت في الأساس قبائل تشادية بامتياز، قد دفعت بها أسباب عديدة  منها الجور وسوء المعاملة أجبرتها على الهجرة الى دارفور، فأصبحت تتأرجح بين الإقليمين حسب الظروف السياسية والمناخية.
  • ومن هؤلاء قبائل الرزيقات بكل بطونها وقبائل بني هلبا وقبائل اولاد راشد والحيماد والمسيرية والسلامات  وغيرهم كثير، ومن جاورهم أو انضم اليهم من بقية القبائل العربية الأخرى.
  • الزغاوة المنتشرون عبر الحدود بين دار  زغاوة  ودارفور مع اعتبار التداخل القبلي في هذه المنطقة، ونذكر منهم قبائل البديات وقبائل الكوبي أحيانا.
  • قبائل القرعان  بمختلف مسمياتهم وخاصة سكان اقليم بوركو واقليم اينيدي الغربية، الذين دفعت بهم ظروف التصحر وشح المعاش والماء لهم ولبهائمهم الى النزوح باتجاه الجنوب.

 ومنهم مثالا  الدازا والنكزا والقايدا والمرديا  وأيضا البروقات.

  • قبائل المابا (الوداي) بكل مسمياتهم وبالأخص منهم “الكانتونات” التابعة لسلطنة وارة الحالية بأبشة.
  •  ومن مهام الخلية أيضا, تشخيص الأسباب المفضية الى النزاع.

وبالنظر الى تكرر الأحداث، ومتابعتها  فإن بإمكاننا أن نذكر من الأسباب الرئيسية لنشوب النزاعات بين كل من العرب من جهة [والزغاوة البديات] من جهة، وبين العرب والقرعان من ناحية أخرى، فان أسبابه في الغالب الحيوان، [الإبل خاصة] هذا الحيوان الذي يحظى بأهمية كبرى في تقاليد وعادات  تلك القبائل  البدوية التي  تتشابه طرق عيشها  وأساليب حياتها الى حد كبير.

ففي غالب الأحيان يقع النزاع بين هذه القبائل بسبب اتهام هذا الطرف أو ذاك بسرقة بهائمه.  وعندما يصر كل طرف على رأيه، ولا يوجد طرف محايد يحتكم اليه، فلا سبيل أمام المتنازعين الا الصدام، ومن ثم إراقة الدماء ووقوع الخسائر الجسيمة سواء في الأرواح او الممتلكات بين الطرفين، وتكون كارثية أحيانا ولا تعوض بأي شكل كان، والنتيجة النهائية الحسرة والندم، حيث لا ينفع الندم.

وفي هذا الصدد، يمكننا ان نشيد بالتجربة الأمنية للقوات المشتركة التشادية – السودانية على الحدود بين البلدين الشقيقين.

فمنذ انشاء هذه المؤسسة المشتركة باتفاق وتوجيهات حكيمة من فخامة رئيسي البلدين:

  1. فخامة ادريس  ديبي إتنو رئيس جمهورية تشاد.
  2. فخامة عمر حسن أحمد البشير رئيس جمهورية السودان.

     فان المشاكل الأهلية على الحدود قد خفت بدرجة ملحوظة ، بل يكاد المراقب أن يجزم أن النزاعات قد انعدمت في جزء كبير من المنطقة وفي أغلب الأوقات.

   ذلك لأن عمليات السرقة والنهب المسلح قد توقفت، وبالتالي فلا توجد أسباب لنشوب مشاكل، فأصبح المواطن آمنا مطمئنا على نفسه وماله حيث ما يكون.

    فإذن، بوقف عمليات النهب المسلح والسرقات الكبرى فلا توجد مشاكل ولا نزاعات ومن ثم لا تكون هناك حروب بين المكونات الثلاثة المذكورة أعلاه: لا بين العرب والزغاوة،  ولا العرب  والقرعان.  بمعنى بانتهاء المسبب زال السبب،  ومن ثم عم السلام واستتب الأمن واستقرت الأحوال، وإذاً  يبدأ التفكير بالمهم فالأهم منه ، تنمية وبناء واستقرار وسلام دائم.

    فهذه التجربة الرائدة، يمكن ان تكون مدخلا مهما للوصول للهدف المنشود، طالما عرفنا أن أهم عامل مسبب من المسببات للحروب الأهلية وأسباب  الكراهية والبغضاء هو عمليات السرقة وبالأخص النهب المسلح، فانه علينا التركيز في ايجاد الوسائل والطرق التي توصلنا الى منع أكبر نسبة سرقات أو نهب مسلح، وبالتالي يمكننا أن نوفر الوقت لتهيئة  المناخ المناسب للبدئ في اجرائات عملية في الاتجاه الصحيح.

وعليه يمكن استغلال الجوالإيجابي لدعم هذا الجهد الإنساني النبيل باجرائات عملية مثل:

  •   تنشيط الإتصالات بين مختلف الأطراف،-    والزيارات المتبادلة بين الزعماء والقيادات الشعبية القبلية.  –  وتحقيق التحالفات والصداقات الفردية والجماعية،-    وإحياء وتقوية العلاقات الإجتماعية التي أسس لها الأجداد والآباء منذ عهود قديمة.-        وأعمال غير ذلك.

وأما النزاعات المتكررة والممتدة عبر التاريخ بين كل القبائل العربية القاطنة في اقليم  وداي من جهة وقبائل “المابا” وخاصة “الكانتونات”التابعة لسلطنة وارا “أبشة”،

فهؤلاء يعانون من عقدة نفسية تجاه بعضهم البعض يصعب فهمها وليس من السهل تجاوزها، لكن أعتقد أن مفتاح الدخول لعمق هذه المشكلة ، يكمن في اعادة تعريف مسمى “وداي” ومن يحق له أن يتسمى باسم وداي، ومن ثم يقود ذلك الى أن يعرف كل مكون من مكونات الاقليم حدوده وحدود غيره فيلزم  كل  طرف جانبه.

    وعلي ذلك النهج، يجب علينا متابعة البحث بكل جد، وبذل أعلى قدر من الجهد من أجل الوصول الى معرفة الأسباب الحقيقية لتجدد النزاع وتكراره في كل حين، سواء من جانب العرب أو من جانب المابا، ومن ثم الوصول الى حلول عادلة ودائمة بين الأطراف.

    فهذا الجهد يقود القائمين به الى الاتصال بكل الأطراف وبكل ما يمكن ان يساعد في تقدم العمل وخاصة القادة الاجتماعيين والشعبيين؛ من السلاطين والملوك والشيوخ ورجال الدين وأئمة المساجد  والحكماء  من الجنسين، وأيضا الاتصال بالنخب المثقفة من مختلف المكونات، وتنظيم لقاءات ثنائية وجماعية بقصد ازالة الأحقاد وفك الإحتقان، كما يمكن للخلية الاستعانة بكل شخص او جماعة حسب الحوجة وأهمية الدور.

   وعند اكتمال هذه المرحلة الاستقصائية والتي لا ينبغي أن تتجاوز مدة أقصاها شهر واحد، تختم بتقرير يتضمن خطوات عملية باتجاه الهدف المنشود، ألا وهو تحقيق مصالحة جماعية ومستعجلة وتحقيق أعلى درجة من السلام والتعايش .

مبادرة شخصية : التاريخ / 01/08/2021

إعداد/ كبرو حسين الرفاعي  

,المستشار الأول السابق

بسفارة جمهورية تشاد لدى المملكة العربية

السعودية – الرياض.